يعد صادق هدايت أشهر الأدباء الإيرانيين في القرن العشرين؛ فقد ولد عام 1902م في طهران وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي فيها، ثم سافر إلى بلجيكا وفرنسا لمتابعة دراسته وأقام في باريس 1925 – 1929م ، حيث عاد إلى طهران وأسس جماعة أدبية مع ثلاثة أدباء آخرين هم بزرك علوي ومجتبى مينوي ومسعود فرزاد، وأطلق على هذه الجماعة "گروه ربعه " أي مجموعة الأربعة.
أمضى صادق هدايت أغلب حياته في طهران متقلباً في وظائف إدارية مختلفة، إلا أنه كان مشمئزاً من الأعمال الإدارية، وانتهى به المطاف إلى أن يعمل مترجماً في معهد الفنون الجميلة في طهران، سافر إلى تركمانستان و الهند حيث تعلم اللغة الفارسية البهلوية وترجم عنها بعض الآثار، وفي عام 1949 سافر إلى فرنسا مرة أخرى، وبقي هنالك حتى أقدم على الانتحار عندما فتح صنبور الغاز لينهي حياته عام 1951م ، ولم تكن هذه المرة الأولى التي حاول فيها هدايت الانتحار، فقد سبقتها محاولة أخرى.
أما عن آثار هدايت فقد ترك لنا الكثير من الأعمال أكثرها شهرة رواية "البومة العمياء" التي لاقت الكثير من الاهتمام داخل إيران وخارجها؛ إذ كتبت حولها الكثير من المقالات والدراسات والكتب التي تناولتها بالدراسة والتحليل من زوايا مختلفة ووجهات نظر متنوعة، وترجمت إلى لغات مختلفة من ضمنها العربية؛ فقد ترجمها المرحوم الدكتور إبراهيم الدسوقي شتا وطبعت في أواخر السبعينيات من القرن الماضي في مصر، كما ترجمها عمر عدس أيضا وطبعت في ألمانيا عام 1999، و"بشكل عام فإن شخصيات أفضل آثار صادق هدايت موجودات متشائمة مثل الأفراد المنحرفين والعجزة، إلى ذلك الحد الذي اشتهر فيه عنوان روايته "البومة العمياء" في الأدب الفارسي، حتى أصبح كل نوع من الحياة مقروناً بالاشمئزاز والتشاؤم يسمى بومة عمياء".
كما ترك صادق هدايت آثاراً مترجمة، وكتاباً تحت عنوان " أناشيد الخيام" ضم مقدمة عن رباعيات الخيام ورأيه فيها، إذ عدّها – أي الرباعيات - ثورة الروح الآرية على الاعتقادات السامية، ومن آثار صادق هدايت كتاباته عن عمر الخيام ورباعياته، التي تولى أخوه جمعها تحت عنوان" خيام صادق" وقد صدرت في طهران عام 2003م؛ بيد أن القصة شكلت أغلب أعماله، فقد ترك مجموعة كبيرة من الأعمال القصصية، إذ صدرت له مجموعات قصصية من أبرزها: " الموؤدة" 1931م، و"ثلاث قطرات من الدم" 1932 و"السيدة علوية" 1933 و" الظل المضيء" 1934 و" الكلب الضال" 1943.
لقد عرف القارئ العربي أو لنقل النخبة الثقافية في العالم العربي صادق هدايت من خلال رواية "البومة العمياء"، إلا أن الوجه الآخر لهذا الأديب الإيراني مليء بالعنصرية والحقد والضغينة على العرب والإسلام معاً؛ فقد كان أحد أبرز الشخصيات الإيرانية التي روجت لقضية معاداة العرب في الأدب الفارسي المعاصر تحت تأثير النزعة القومية ؛ إذ عمل – بكل ما أوتي من قوة وجهد – على تشويه صورة العرب ومسخها في أذهان القراء الذين يطالعون أعماله وهي كثيرة للأسف، ونحن لا نكاد نجد أثرا واحداً من آثار هدايت يخلو من الطعن والإهانة للعرب والمسلمين؟ فالصورة التي يقدمها صادق هدايت – للقارئ الإيراني ولكل من يعرف الفارسية أو يقرأ آثاره المترجمة إلى اللغات الأخرى – عن العرب صورة مشوهة وظالمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق