الخميس، 5 ديسمبر 2013

عمر الخيام: الفيلسوف المظلوم

عمر الخيام: الفيلسوف المظلوم

مجلة الدراسات الشرقية"شرقيات"، كلية الآداب، جامعة أسطنبول، العدد الثالث والعشرون،2013م، صص 145- 168

الملخص      

   تقوم هذه المقالة على دراسة شخصية عمر الخيام؛ التي يكتنفها كثير من الجدل والغموض والإبهام، والتي تتمتع بشهرة عالمية قلّ نظيرها، فقد كان من الشخصيات القلقة التي أرّقها مصير البشرية، والنهاية المأساوية التي سيؤل إليها جميع أفرادها؛ وقد عّبر عن قلقه هذا من خلال الرباعيات التي سكب فيها خلاصة أفكاره وتساؤلاته عن الكون والوجود، والموت والحياة، والتي كانت سبباً رئيساً في شهرته وتشويه صورته أيضاً، وبدلاً من أن يكافأ على هذا الاهتمام نجده قد ظلم في حياته ومماته، وفي الرباعيات التي نسبت إليه وترجماتها المتعددة إلى أغلب لغات الدنيا، وتفسيرها، وتأويلها، وتركيزها على اللهو والمجون، واللذة والشهوة، والفسق والفجور.... وقد سعت هذه المقالة إلى التدليل على أوجه الظلم التي وقعت على الخيام، باعتباره فيلسوفاً مظلوماً لم ينصفه التاريخ، وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة والأوهام الخاطئة، التي شاعت حول شخصيته ورباعياته، ومحاولة إنصافه، ورفع الظلم الذي لحق به، والذي شوّه صورته في الأذهان، سواء من أبناء جلدته أو من المستشرقين الغربيين.

تمهيد

      تتناول هذه المقالة شخصية عمر الخيام (439- 526هـ) الذي يُعدّ أشهر شعراء الفارسية بامتياز، والذي يتمتع بشهرة عالمية لا يدانيه فيها أيُّ شاعر فارسي آخر؛ إذ إنه شخصية جدلية يكتنفها كثير من الغموض والإبهام، على الرغم من كل هذه الشهرة التي يحظى بها؛ فقد اختلف فيه حدّ النقيض، إذ عدّه بعض النقاد فاسقاً زنديقا،ً ومادياً ملحداً، وعبثياً غارقاً في كأسه حدّ الثمالة، ومنهم من عدّه زاهداً وصوفياً، وعارفاً وولياً من أولياء الله كابن الفارض، والحقيقة أن هؤلاء وأولئك قد ظلموه وافتروا عليه، فلم يكن هذا ولا ذاك؛ بل إنه كان فيلسوفاً حراً يطلق لخياله وبنات أفكاره العنان، يصول ويجول، متسائلاً بحرية مطلقة عن الأفكار الفلسفية العميقة، التي شغلت وما تزال البشرية جمعاء، وقضايا الكون والوجود، والموت والحياة، والفناء والخلود، والجنة والنار، والثواب والعقاب، وباحثاً عن أجوبة لأسئلة أرقته وقضّت مضجعه.

    لا شك إنّ سرّ شهرة الخيام وعظمته مرهونة بالحكمة والفلسفة الكامنة في رباعياته، التي خلّدت اسمه، والتي عبّر من خلالها عن قلق البشرية من الحياة والخوف من الموت، وعزف فيها بإتقان ودقة على الوتر الحساس الذي شغل بال الإنسانية ووجدانها على مرّ التاريخ، ولا ريب أن عبقرية الخيام تكمن في هذه القضية؛ فهو يعرف الأفكار التي يريد تناولها بحذاقة، ويطرحها بعبقرية فذة، ونبوغ نادر: إنها فلسفة الحياة والموت، والعجيب أن الخيام الذي كان رياضياً مبرّزاً، وفلكياً فذاً، وفيلسوفاً مشهوراً، ونابغة قلّ مثيله، والذي عاش في الدولة السلجوقية ووضع التقويم الجلالي توفي ولم يكن أحد يعرف أنه شاعر؛ في حين اكتشف أول رباعي له بعد موته بمئة سنة، كما عثر على أول مجموعة شعرية تحتوي على قائمة من رباعياته بعد ثلاثة قرون من وفاته، بينما وصلت الرباعيات التي نُسبت إليه إلى الآلاف؛ فقد ظلم مرات عديدة في حياته ومماته، والرباعيات التي نُسبت إليه، وترجماتها، وتفسيرها وتأويلها، وتركيزها على اللهو والمجون، واللذة والشهوة، والفسق والفجور، والجانب المادي.... وهنا تكمن أهمية هذه المقالة في محاولتها التدليل على مظلوميته، على أمل أن تكون خطوة على الطريق في سبيل تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة، والأوهام الخاطئة، التي شاعت حول شخصيته ورباعياته، وأن تضيء شمعة تبدد بعضاً من الظلام الذي لحق بهما، ومحاولة إنصافه، ورفع الظلم الذي لحق به، والذي شوّه صورته في الأذهان، سواء من أبناء جلدته أو من المستشرقين الغربيين.

فلسفة الحياة والموت  
      يعدّ عمر الخيام أشهر شعراء الفارسية على الإطلاق؛ فقد نال شهرة عالمية لا يدانيه فيها أيُّ شاعر فارسي آخر على الرغم من قلّة شعره(1)؛ فالفردوسي صاحب الشاهنامة المشهورة، التي يزيد عدد أبياتها على خمسين ألف بيت(2)، وجلال الدين الرومي الذي يزيد شعره على سبعين ألف بيت(3)، وحافظ الشيرزاي المعروف بغزلياته(4)، وسعدي الشيرازي المشهور بـ"البستان"(5)و"الكلستان"(6) لا يتمتع أيٌّ منهم بالشهرة العالمية التي حظي بها الخيام؛ لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو سرّ هذه الشهرة؟ ولماذا اشتهر الخيام عالمياً، دون غيره من الشعراء الفرس الآخرين منذ وقت مبكر؟
     لا شك أن سرّ شهرة الخيام العالمية وعظمته مرهونة بالحكمة والفلسفة الكامنة في رباعياته، التي عبّر فيها عن قلق البشرية من الحياة والخوف من الموت، والتي عزف من خلالها على هذا الوتر الحساس، الذي شغل بال الإنسانية على مرّ العصور والأزمان، ولا ريب أن تميّز الخيام يكمن في هذه القضية، التي يطرحها بعبقرية فذة، ونبوغ نادر: إنها فلسفة الحياة والموت(7)؛ التي قضّت مضجعه، وشغلته ليل نهار، وجعلته يعاني من الاضطراب والحيرة والقلق من الكون والوجود؛ فقد أمضى عمره في رحلة البحث عن الإيمان، والحقائق الكامنة في أعماق  الكون والوجود، ولا شك أنها رحلة شاقة، تتطلب الخوض في مسائل دقيقة وقضايا حساسة، يتحوط بعض العلماء من الخوض فيها، أو الاقتراب من حريمها حتى لا يقال عنهم إنهم مارقون، وزنادقة لا يعيرون الدين أي أهمية تذكر؛ إلا أن الخيام خاض غمار هذه التجربة، علّه يستطيع فكّ أسرار الخلق والوجود، وكشف الحقيقة الأزلية أو شيئاً منها على الأقل؛ وهذا ما برز واضحاً في رباعياته التي ركز من خلالها على هذه الفلسفة، وطرح أسئلة الكون والوجود، والموت والحياة، والفناء والعدم، في محاولة منه للإجابة على الهواجس التي شغلت أفراد البشرية قاطبة منذ الأزل، فقد كان حقاً شاعر البشرية جمعاء؛ فهو الذي عبّر عن آلامها، ومعاناتها، وهواجسها، ولواعجها، وكان الناطق باسمها على مر التاريخ.
      إن هذه المقالة لا تهدف إلى استقراء نوع الفلسفة، والأفكار الفلسفية التي كان الخيام يتبناها ويعتنقها في حياته، ومن ثم تحديد تلك الفلسفة وطبيعتها: أهي فلسفة أفلاطونية أم إشراقية؟؟ وإن كان قد تتلمذ على أيدي ابن سينا، وما يهمنا هنا أن الخيام كان أحد نوابغ زمانه وفلاسفة عصره الفريدين، الذين طرحوا تساؤلات عميقة -تارة مصرحاً وأخرى ملمحاً- عن الحياة والموت والكون والوجود أبرزها: من أين أتينا؟ وإلى أين نحن سائرون؟ وما هو المصير الذي ينتظرنا بعد الموت؟.... ومن ثمّ فقد شكّلت هذه التساؤلات الحائرة التي سكنت روح الخيام، ووجدانه، وعقله حالة من القلق والاضطراب لازمته لسنوات طويلة، وقد أعياه في النهاية التوصل إلى إجابات مقنعة على هذه التساؤلات التي لا تنتهي؛ فالخيام باحث جاد لا يكلّ ولا يملّ، يروم كشف الأسرار، واكتناه غوامضها، وإماطة اللثام عنها، ولا بدّ أن نأخذ بعين الاعتبار أن عصر الخيام كان عصر أزمة فكرية، مليئاً بالمتناقضات والاختلافات المذهبية التي عصفت به وبأبناء عصره؛ إلا أنه استطاع بحنكته وعبقريته أن يَعْبر من هذه الأزمة العصيبة، فقد امتلك من الجرأة والشجاعة ما حفّزه على طرح مثل هذه التساؤلات، التي اختمرت في ذهنه وبنات أفكاره؛ وصوغها بطريقة جذابة، تتميز بالروعة في التعبير، وبكلام جميل يأسر القارىء ويشده، ويجعله واقعاً تحت تأثيرها، وهذا ما لم يتأت لكثير من غيره من الشعراء؛ فقد أوتي من الخيال الواسع الذي مكّنه من النفوذ إلى بواطن الأمور وخفاياها، وقدرة التعبير عنها بجرأة عزّ نظيرها، ومن ثمّ فقد تمرد على المألوف، وتجاوز السكوت عن المحظورات والممنوعات، التي استقرت في أعماق النفوس منذ زمن طويل، ومنها الخطوط الحمراء المرسومة لنا والمسكوت عنها، فعندما كان الخيام يخلو إلى نفسه في ساعات الفراغ، التي كان يتقّنصها بين الحين والآخر، كان يسكب هذه الأفكار، ويبوح بما يختلج في خلجات صدره، وما يراوده من أفكار عميقة بحرية مطلقة، ويبث نفثات صدره المكلوم، ويفجر براكين ظلت راكدة في النفوس البشرية منذ زمن بعيد، ويسجل هذه الاعترافات والهواجس، ويبوح بمكنوناته، ويصوغها في نوع من الشعر الفارسي عرف باسم الرباعيات، وهي التي خلّدت اسمه، وحفظته على مرور الأزمان والعصور.
      حقيقة إن فكرة الموت والحياة هي التي طغت على الخيام، وهيمنت على أفكاره، وجعلته يعاني من الاضطراب والحيرة، والقلق من الكون والوجود، والمصير الذي يرتقب البشرية؛ فلماذا هذا الاهتمام والانشغال بقضية الموت وفلسفته؟ لعل الجواب ببساطة يكمن في مسقط رأسه مدينة نيسابور، التي كانت مدينة تكثر فيها الزلازل، وقد خُرّبت مرات عديدة(8)، ولعل الخيام كان يرى مناظر التخريب والدمار، وموت الأحبة والأعزاء بأم عينيه، مما جعله يتجرع الألم، ويعاني الأسى والحسرة، ويكابد في سبيل ذلك ما يكابده، وربما فجعه الموت ببعض المقربين إليه؛ مما حدا به إلى التركيز على قضية الموت والحياة، ومن ثمّ الجانب الآخر لها، ألا وهو ما دام أن مصير الكون والأحياء الموت والزوال، فالحياة عبثية لا طائل منها إذن.... وهذا ما دعاه إلى طرح فلسفة الوجود والعدم، والحياة والموت، وهي المواضيع التي شغلت وما تزال البشرية، ولذلك شغفت بها وأقبلت عليها، وهذه الأفكار تحتاج إلى وعاء يحتويها، وقالب يستوعبها، وشكل شعري يناسبها، لذلك وقع اختياره على قالب الرباعي المناسب لمثل هذه الأفكار.    
    لا بدّ من التأكيد هنا أن  حديث عمر الخيام عن الجنة والنار، والثواب والعقاب، والبعث والنشور، وتساؤله عنها لا يعني بأي حال من الأحوال أنه منكر لها، كما تصور بعض النقاد والمترجمين، وعدّوه كافراً بها وجاحداً لوجودها، وكتبوا في ذلك كتباً ومقالات مختلفة(9)، ولو أنهم قرأوا رباعيات الخيام بلغتها الأم لربما غيّروا كثيراً من آرائهم وأفكارهم؛ إذ إن تساؤله عن الكون والوجود، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والبعث والنشور، هو تساؤل الفيلسوف الباحث عن أسئلة لأجوبته، حتى يقتنع بها، ويكون إيمانه بها عميقا،ً وعن وعي وإدراك لحقائق الكون، واكتناه أسراره، لا تساؤل رجل الدين المُسِّلم بحقيقة الأشياء، وهو ما حثّ عليه ديننا الحنيف في أكثر من أـثر؛ فقد دعانا إلى السير في الأفاق، والتأمل والتدبر والتفكر في خلق الله والكون والوجود، وأكد أن عبادة العالم أفضل من عبادة ألف عابد، وهذا ما يجب علينا أن ندركه جيداً عند قراءة رباعيات الخيام ودراستها وتحليلها.
   إنّ شخصية عمر الخيام شخصية جدلية يكتفها كثير من الغموض والإبهام؛ فقد توفي هذا الشاعر المشهور الذي طبقت شهرته الشرق والغرب، ولم يكن أحد يعرف أنه شاعر ولديه رباعيات، على الرغم من أنه كان رياضياً وفلكياً وفيلسوفاً مشهوراً؛ في حين اكتشف أول رباعي له بعد موته بمئة سنة، كما عثر على أول مجموعة شعرية تحتوي على قائمة من رباعياته بعد ثلاثة قرون من وفاته(10)، وهو الذي عاش في الدولة السلجوقية ووضع التقويم الجلالي، نسبة إلى جلال الدين السلجوقي، في حين عجز ابن سينا عن تنفيذ هذه المهمة- وقد أوكلت إليه سابقاً- وهو التقويم المعمول به في إيران حالياً، والذي يبدأ بـالحادي والعشرين من آذار من السنة الميلادية؛ أي ما يعرف بـ" عيد النوروز"، كما عاصر الخيام أبا حامد الغزالي، وجرت بينهما مناظرات ومناكفات حول تحديد نقطة من أجزاء الفلك القطبية، بدأ النقاش حولها بعد صلاة الفجر ولم ينته حتى أذان الظهر، فقال الغزالي: جاء الحق وزهق الباطل ونهضا للصلاة.... (11)، ومن الجدير ذكره أيضاً أن الخيام كان يتمتع بمكانة مرموقة في الدولة السلجوقية، ومن المقربين لدى السلاطين والأمراء، وهنالك من الأدلة والشواهد التي تبرهن على صحة هذا، ومنها إغاثته للشاعر المشهور سنائي الغزنوي، وقد استنجد به بعد عارض ألمّ به(12)، كما كان يتمتع بألقاب كثيرة أبرزها: حجة الحق، وحكيم الدنيا، وإمام خراسان، وعلّامة الزمان، والشيخ الإمام، وعديم القرين.(13)
     يرجع الفضل في اكتشاف شاعرية الخيام ورباعياته داخل إيران إلى نجم الدين الرازي، المعروف بنجم الدين داية صاحب كتاب "مرصاد العباد"(14) الذي كان صوفياً متشدداً، والذي كان أول من ذكر رباعيين للخيام، والمفارقة العجيبة أنه عدّ الخيام فيلسوفاً بائساً ودهرياً، وشنّ عليه هجوماً عنيفاً، وكال له التهم جزافاً، وقد ألف كتابه سنة 620 للهجرة، أي حوالي قرن بعد وفاة الخيام، وهذان الرباعیان هما:
 در دايره اى كامدن ورفتن ماست
 او را نه بدايت نه نهايت پيداست 
کس می نزند دمی درین حرف راست  
کاین آمدن از کجا ورفتن به كجاست

  *********************
      دارنده چو ترکیب طبایع آراست
  از بهر چه او فکندش اندر کم وکاست
    گر زشت آمد این صور عیب کراست    
 ور خوب آمد خرابی از چه بهر چراست (15)
وترجمتهما على التوالي والترجمة لصاحب المقالة:
إن مجيئنا إلى هذه الدنيا ورحيلنا عنها كالدائرة
التي لا نعرف بدايتها من نهايتها
ولم يحدّثنا شخص بصدق عن هذا:
فمن أين أتينا وإلى أين نحن سائرون؟!
****************
إن الخالق الذي خلق النفوس وزيّنها
لماذا عاد باحثاً عن عيوبها وما الفائدة من ذلك
فإذا كانت هذه النفوس قبيحة فمن هو المعيب
وإذا كانت جميلة فما هي الفائدة من تخريبها؟!
   ومن الجدير ذكره هنا أن العروضي السمرقندي صاحب كتاب "المقالات الأربعة" كان معاصراً للخيام، وقد التقى به، وسبق الرازي في ذكره للخيام، إلا أنه لم يشر إلى شاعريته ورباعياته.(16)
   لقد اختلف في شخصية الخيام حدّ النقيض؛ فمن النقاد من عدّه فاسقاً زنديقاً، ومادياً ملحداً، وعبثياً وغارقاً في كأسه حدّ الثمالة، ومنهم من عدّه زاهداً وصوفيا،ً وعارفاً وولياً من أولياء الله كابن الفارض؛ فقد اتهم بالكفر والإلحاد، والزندقة والباطنية، ومذهب اللذة، والأبيقورية، واللاأدرية، والتناسخ والتصوف، والحقيقة أن هؤلاء وأولئك قد ظلموه وافتروا عليه؛ فالخيام لم يكن هذا ولا ذاك؛ فقد كان فيلسوفاً حراً يطلق لخياله وبنات أفكاره العنان، يصول ويجول متسائلاً بحرية مطلقة عن قضايا الكون والوجود، والموت والحياة، والفناء والخلود، والجنة والنار، والثواب والعقاب، وباحثاً عن أجوبة لأسئلة أرقته، ألا وهي أسئلة الموت والحياة، والكون والوجود وفلسفته، وسبب هذا الاختلاف يعود إلى رجال الدين في إيران، الذين حاولوا إلباس الخيام ثوب الزهد والصوفية؛ كما فعل العلامة محمد تقي جعفري في كتابه "تحليل شخصيت خيام"(17) الذي فسّر الرباعيات تفسيراً صوفياً، وسار على هذا الدرب آخرون منهم الدكتور حسين إلهي قمشي(18)، وهذه المبالغة في تفسير الرباعيات وتأويلها أوجدت نزعة مضادة، وردود فعل مختلفة عند آخرين، من أمثال الأديب الإيراني المشهور صادق هدايت الذي ذهب إلى أن الخيام كان مادياً ودهرياً في كتابه "ترانه هاى خيام" (أناشيد الخيام)(19)، الذي شطّ فيه كثيراّ، ونحى منحى آخر؛ إذ إنه عدّ الرباعيات "ثورة الروح الآرية على المعتقدات السامية"(20)؛ في حين أن هذه العبارة التي تختزل فكر هدايت، وتفسر نظرته للعرب والساميين تصدق على شخصيته، وكتاباته المعادية للعرب والإسلام،(21) وليس على الخيام، كما نرى هذه الاختلافات لدى المستشرقين الذين انقسموا إلى فريقين أيضاً: إذ ذهب نيكولاس المستشرق الفرنسي إلى أن الخيام كان من أهل التصوف والعرفان، وتابعه في هذا جوكوفسكي المستشرق الروسي؛ في حين كان فيتزجرالد المستشرق الانجليزي يرى أن الخيام غير ذلك(22)، كما أن الاختلاف في شخصية الخيام دعت بعض الإيرانيين إلى القول بوجود شخصيتين باسم الخيام، أحدهما صوفي، والآخر مادي دهري، كما فعل محمد محيط الطباطبائي في كتابه "خيام يا خيامي"(23) من أجل حلّ لغز هذه الشخصية، وتفكيك هذه الازدواجية التي سبّبت لهم الحيرة والاضطراب، والحقيقة أن هذا التلفيق لم يكن سوى احتيال، وخداع لأنفسهم وللآخرين، وما هي إلا محاولة للتغلب على الشكوك، التي ساورتهم حول الخيام وشخصيته، ولو أنهم قالوا بأن الخيام كان فيلسوفاً حراً لكفاهم هذا.

 تعريف الرباعي وفلسفته

     لّما كانت شهرة الخيام مرتبطة برباعياته، وجب علينا أن نلقي بعض الإضاءات على تعريف الرباعي وطبيعة تكوينه، فما هو الرباعي؟ الرباعي هو عبارة عن: قالب شعري فارسي أصيل يتكون من بيتين من الشعر؛ يعني أربعة مصاريع شعرية، على وزن مفعول مفاعيل مفاعيل فعل- أي لا حول ولا قوة إلا بالله- بحيث يجب أن تكون القافية في المصراع الأول والثاني والثالث واحدة، بينما هي في المصراع الثالث اختيارية(24)، والمصاريع الثلاثة الأولى عبارة عن تمهيد ومقدمة، كل منها مقدمة للآخر؛ في حين يكون المصراع الرابع هو الجرس الذي يدق المعنى ويؤكده؛ فهو الخلاصة والنتيجة، وفيه تتجلى زبدة الرباعي ومضمونه ومعناه الدقيق، وبعبارة أخرى يمكننا القول بأن الرباعي عبارة عن: وحدة أدبية مستقلة قائمة بذاتها ليس لها علاقة بما قبلها ولا بما بعدها، والرباعي من أقصر القوالب الشعرية في الأدب الفارسي، إلا أنه يمكن أن نسكب فيه كثيراً من المعاني والمضامين الفلسفية والوجودية والعرفانية، ولذلك فإن اختيار الخيام لهذا القالب ينمّ عن اختيار واعٍ وعبقرية فذة، مدركة لطبيعة الرباعي وخصوصيته، التي يمكنها اختزال كثير من مثل هذه المعاني والمضامين، في عدد محدود من المصاريع الشعرية، والمثلان التاليان يوضحان ذلك:
        جاميست كه عقل آفرين مى زندش   
        صد بوسه بر مهر جبين مى زندش
       وين كوزه گر دهر چنین جام لطیف 
     می سازد وباز بر زمین می زندش(25)
وقد ترجمه صاحب هذه المقالة:       
إن هذا الكأس يقع محط تبجيل العقل
فيقبله مئة قبلة على جبينه إعجاباً ومحبة
ولكن خزّاف الدهر الذي يصنع مثل هذا الكأس الجميل
يأتي ويحطمه على الأرض مرة أخرى.
     ولنتأمل هذا الرباعي فقد بدأ بالمصراع الأول، الذي ذكر فيه كلمتين أساسيتين هما: الكأس والعقل؛ إذ إن هنالك كأساً في غاية الروعة والجمال، وهو شيء محسوس ومدرك بوضوح، ومقابله هنالك العقل الذي يقف في الطرف الآخر، يتأمل جمال وروعة هذا الكأس، مبدياً إعجابه، ولندقق في كلمة العقل مكمن التعقل والعقلانية، وليس القلب موطن المشاعر والأحاسيس والعواطف، واختيار الشاعر الدقيق لكلمة العقل ودلالاتها؛ فالشاعر مصر على استعمال هذه الكلمة، لأنه يريد أن يقدّم لنا تجربة عقلية محسوسة، وفي المصراع الثاني نرى العقل يتقدم نحو هذا الكأس، الذي وقف أمامه برهة من الوقت مبدياً إعجابه، ثم تحرك صوبه في خطوة ثانية، وأقدم على تقبيله بسيل من القبل على جبينه حتى وصلت إلى مئة قبلة، ولنلاحظ مقدمة المصراع الأول، وتداعي المقدمة الثانية في المصراع الذي يليه، ثم تأتي المقدمة الثالثة التي تختزل التجربة في هذا الرباعي؛ لتخبرنا عن الخزّاف الذي أقدم على صنع مثل هذا الكأس الجميل، ولكن المفاجأة التي تصدمنا، والتي تنزل على مسامعنا كالصاعقة تكون في المصراع الأخير، الذي يصدمنا بالنهاية المأساوية، والمصير الذي آل إليه هذا الكأس المتميز في جماله وروعته؛ حينما يقدم هذا الخزّاف الذي بذل كثيراً من الجهد والوقت في صنع هذا الكأس على إلقائه على الأرض ويحطمه ويهشمه، فهل يستحق مثل هذا الكأس هذه النهاية التراجيدية؟!        
     الرباعي الثاني :
      اين قافله عمر عجب می گذرد 
  دریاب دمی که با طرب می گذرد
   ساقی غم فردای حریفان چه خوری؟ 
  پیش آر پیاله را که شب می گذرد! (26)
وقد ترجمه صاحب هذه المقالة هكذا:
 عجباً لقافلة العمر هذه كيف تمضي مسرعة
ادرك اللحظة التي تمضي بالفرح والسرور
أيها الساقي لا تحزن على مستقبل الأصدقاء
احضر الكأس فإن الليل ينقضي.
في حين ترجم شاعر الأردن الكبير "عرار" هذا الرباعي على الشكل التالي:
ادرها أيها الساقي فليلنا يكاد ينقضي
ادرها وحسبك تغص بحسرات يخبئها المستقبل لأناس غيرنا
ادرها فما علينا وموكب الحياة يسرع في سيره
إلا أن نغنم كل نهزة طرب تسنح لنا. (27)
    حقيقة لقد ارتبط اسم الخيام بالرباعيات، فعندما نذكر اسم الخيام تتداعى إلى أذهاننا الرباعيات، والعكس صحيح؛ إلا أن أغلب الشعراء الفرس نظموا في الرباعيات سواء من القدامى أو المحدثين، وأشهرهم فريد الدين العطار، وأبو سعيد أبو الخير، وجلال الدين الرومي.... بيد أن الخيام كان أكثرهم شهرة على الإطلاق كما أسلفنا.

   ترجمة فيتزجرالد   

     لقد اشتهر الخيام في الغرب بداية عن طريق ادوارد فيتزجرالد(1809-1883م) الذي ترجم الرباعيات لأول مرة إلى الانجليزية عام 1859 للميلاد(28)، وعندما نشر ترجمته في طبعتها الأولى التي خلت من ذكر اسمه لأسباب كثيرة، لم يجد من يشتريها، فاضطر إلى توزيعها على أصدقائه مجاناً، وبيع بعضها بثمن بخس، إلا أن هذه الترجمة لاقت رواجاً في المجتمع الغربي في طبعاتها الأخرى، بعد أن كُتب لها الشيوع والانتشار؛ والسبب في ذلك يعود إلى فهم فيتزجرالد وتركيزه في ترجمته على اللذة والشهوة، واللهو والمجون، واغتنام الفرصة، والمجتمع الغربي مجتمع مادي بذاته، ولذلك شغف بها وهام فيها، وبذلك اشتهر الخيام في الغرب أولاً، ثم عادت شهرته إلى إيران مسقط رأسه، واليوم يتمنى الإيرانيون لو أن هنالك ألف فيتزجرالد حتى يعملوا على التعريف بالأدب الفارسي وأعلامه؛ صحيح أن شهرة الخيام العالمية ترجع إلى هذا المستشرق، بيد أن فيتزجرالد ظلم الخيام وأساء إليه من حيث لا يدري؛ فقد ركّز في ترجمته على الجانب المادي، واللذة والشهوة، والمتعة واللهو والمجون، واغتنام الفرصة(29)، حتى ارتبطت صورة الخيام في الأذهان بهذا الجانب، وأصبحت الحانات تسمى باسمه، وتتمّ معاقرة الخمرة على سماع أنغام رباعياته، وزُينت ترجمات الرباعيات بالصور العارية ظلماً وعدواناً، وبالإضافة إلى ذلك فإن ترجمة ادوارد فيتزجرالد يعتورها كثير من النقص والدقة على الرغم من جماليتها، خاصة أنه كان يترجم الرباعيين والثلاثة في رباعي واحد، بعد أن يدغمها مع بعضها البعض، وقد وصفت ترجمته بأنها "ولادة أخرى"(30) وعلاوة على هذا فإن الترجمة الشعرية ليست دقيقة بشكل عام؛ لأن الشعر غير قابل للترجمة(31)، وإذا ما ترجم فإنه لا يترجم إلا بشق الأنفس، وبعد أن يفقد كثيراً من معانيه وجمالياته؛ ناهيك عن الجوانب البلاغية من صور شعرية واستعارات وكنايات، وموسيقى ودلالات وغيرها؛ فكيف إذا كانت هذه الترجمة ترجمة الشعر شعراً....، كما أن الترجمة الشعرية تنقل المعنى دون التعبير الأصلي والروحي، ومن الجدير بالذكر أن هنالك مستشرقين سبقوا فيتزجرالد في الإشارة إلى الخيام، منهم: توماس هيد الانجليزي، وفون همر النمساوي، ونيكولاس الفرنسي، إلا أن الفضل في شهرة الخيام في الغرب تعود إلى فيتزجرالد وترجمته الشعرية الرائعة، على الرغم من أنها لم تكن ترجمة دقيقة، وعلى الرغم من الظلم والتشويه الذي لحق بالخيام من جراء هذه الترجمة التي ظلمت صاحب الرباعيات، وافترت عليه، وأساءت إليه مرات عديدة: في الترجمة الانجليزية، والترجمات الأخرى التي تمت عنها إلى اللغات الأخرى، بسبب شهرتها وانتشارها العالمي، ومما يجدر ذكره  أيضاً أن رباعيات الخيام قد ترجمت إلى لغات كثيرة، وقد صدر في طهران منذ عشرات السنين كتاب موسوم بـ"رباعيات الحكيم عمر الخيام" في ثلاثين لغة.(32)

   الرباعيات الأصيلة والمنسوبة

     حقيقة يمكننا القول بكل جرأة إن رباعيات الخيام أضحت إحدى المشكلات التي يواجهها الأدب الفارسي المعاصر،(33) وعلة ذلك سببان أولهما: أن الخيام توفي، ولم يترك لنا مجموعة شعرية مكتوبة بخط يده، وأول مجموعة عثر عليها كانت بعد ثلاثة قرون من وفاته، ولم يُعرف عن الخيام أنه شاعر وله رباعيات أثناء حياته، وثانيهما: أن هنالك عدداً كبيراً من الرباعيات المنسوبة للخيام وصلت إلى الآلاف يصعب التمييز بينها؛ وقد كان المستشرق الروسي جوكوفسكي أول من أشار إلى هذه الرباعيات؛ إذ أشار في دراسة له إلى أنه وجد 82 رباعياً من الرباعيات المنسوبة للخيام في دواوين شعراء آخرين، من بين 464 رباعياً هي التي ذُكرت في مجموعة المستشرق الفرنسي نيكولاس التي ترجمها إلى اللغة الفرنسية عام 1867م، وقد سماها جوكوفسكي "الرباعيات المضطربة" أي المتعددة النسبة(34)، ثم وصل العدد إلى أكثر من مئة رباعي لدى بعض المستشرقين الآخرين، وبعض هذه الرباعيات لعطار النيسابوري في كتابه "مختار نامه"(35)، وللتغلب على هذه المشكلة وتشخيص الرباعيات الصحيحة من السقيمة اتبع محمد علي فروغي وقاسم غني في كتاب "رباعيات خيام" منهجين أحدهما استقرائي والآخر ذوقي، بعد أن ذكرا عيوب المناهج الأخرى، التي درست هذه القضية، وحاولت التغلب على هذه المشكلة؛ فقد تمثل المنهج الأول القائم على البحث والاستقصاء والاستقراء بمحاولة استخراج الرباعيات الأصيلة من الرباعيات السقيمة، وتتبعها في أقدم المصادر والمراجع التي ذكرت بعضها في القرنين السابع والثامن للهجرة، وبعد حذف المكرر منها وصل العدد إلى 66 رباعياً، استخرجا منها معايير وقواعد لضبط، ومعرفة الرباعيات الصحيحة من المنسوبة، واتخذا منها معياراً عرضا عليه الرباعيات المتعددة النسبة، وهو المنهج الثاني فما توافق معها جعلاه للخيام، وما اختلف عنها وضعاه جانباً، فوصل العدد إلى 178 رباعياً يمكن الاطمئنان إلى أنها للخيام، ولا يمكن الجزم بذلك، كما قال محمد علي فروغي نفسه(36)، في حين زعم صادق هدايت أن الرباعيات الحقيقية ثلاثة عشر رباعياً فقط(37)، وهذا الرأي السقيم خاص بهدايت وحده ولا يعتدّ به، والأرجح ما ذهب إليه محمد علي فروغي، ولا بدّ من التنبيه هنا إلى أن هذه الرباعيات المنسوبة للخيام ظلماً وعدواناً- وأغلبها من الخمريات- كانت أحد أبرز أوجه الظلم، الذي لحق بالخيام وشوه صورته في الأذهان.

   الترجمات العربية للرباعيات

     إنّ اهتمام العرب بالخيام ورباعياته لا يقل أهمية عن اهتمام الغربيين؛ فقد وصلت الترجمات العربية لرباعيات الخيام إلى أكثر من ثمانين ترجمة، وشهرة الخيام في العالم العربي ليست خافية على أحد؛ فالأدباء والشعراء والمثقفون، وحتى عوام الناس يعرفون الخيام؛ بل إن بعضهم يظن أن الخيام عربي، وما من مدينة عربية اليوم إلا وقد زُينت مدارسها، وشوارعها، وفنادقها، ومطاعمها، ومحلاتها التجارية و.... باسم الخيام، ومما لا شك فيه أن لأم كلثوم دوراً في هذا، ولا نبالغ إذا قلنا إن الدور الذي قامت به أم كلثوم من حيث التعريف بالخيام ورباعياته في العالم العربي، لا يقل شأناً عن الدور الذي قام به ادوارد فيتزجرالد في التعريف بالخيام ورباعياته في الغرب؛ فقد ساهمت أم كلثوم في التعريف بالخيام ورباعياته في العالم العربي، عندما اختارت مجموعة من رباعيات الخيام، التي ترجمها أحمد رامي، وغنتها بصوتها العذب والفريد من نوعه، وجميعنا يدرك مدى تأثير الموسيقى والأصوات العذبة وسحرها في النفوس، وأن ما يُغنّى يصل إلى مسامع الناس، ويستقر في قلوبهم وصدورهم، وتتناقله ألسنتهم، ومن ثمّ يترك أثره بسرعة فائقة، أكثر بكثير مما يطبع في مقالة أو كتاب(38)، والحقيقة أن الباحث لم يعثر على مَنْ يشير إلى دور أم كلثوم في التعريف بالخيام ورباعياته، وكأن الباحثين وأساتذة الجامعات العربية يخجلون من الإشارة إلى أم كلثوم في أبحاثهم ودراساتهم، ويترفعون عن ذكر ذلك؛ في حين أن الواجب يفرض علينا أن نصدح بهذه الحقيقة، ولا نخجل من ذكرها كباحثين وأكاديميين؛ فأحمد رامي نفسه يقول أصبحت مشهوراً، عندما غنت أم كلثوم مختارات من ترجمتي لرباعيات الخيام.(39)
     حقيقة يجب أن نعترف بأن العرب تعرفوا على الخيام ورباعياته في مرحلة متأخرة؛ ولعل السبب في ذلك يكمن في عدم معرفتهم اللغة الفارسية، فمع بدايات القرن العشرين بدأ المترجمون والمثقفون العرب بالتعريف بالخيام ورباعياته رويداً رويداً، وقد اعتمد أغلبهم على ترجمة فيتزجرالد- وهي التي ظلمت الخيام وأساءت إليه مراراً وتكراراً- حتى شكلّت هذه الترجمة، وما كتب عن الخيام ورباعياته باللغة الانجليزية مرجعاً ومنبعاً، يستقون منها آراءهم وأفكارهم، وللأسف فقد انتقلت هذه الصورة الظالمة للخيام ورباعياته عبر ترجمة فيتزجرالد إلى اللغة العربية، وكان أحمد حافظ عوض أول من أقدم على ترجمة مختارات منها - وإن اختلف النقاد في أول مترجم عربي للرباعيات(40)- فقد أقدم هذا المترجم عام 1901م على ترجمة تسعة رباعيات إلى اللغة العربية في مقالة عنون لها بـ" شعراء الفرس" (عمر الخيام) ونشرها في مجلة "المجلة المصرية"(41)، ثم تابعه عيسى اسكندر المعلوف الشاعر اللبناني، الذي أقدم على ترجمة ستة رباعيات عام 1910م، ونشرها ضمن مقالة موسومة بـ"عمر الخيام: ما عرفه العرب عنه" في مجلة الهلال ذائعة الصيت(42)، وتوالت بعد ذلك ترجمة الرباعيات، وزاد الاهتمام بها، وحظيت بالعناية والرعاية، وكانت محط اهتمام المترجمين والأدباء والنقاد العرب؛ فقد تأثر بها كثير من الأدباء والشعراء العرب مثل عبد الوهاب البياتي الشاعر العراقي المشهور، الذي تأثر بالثقافة الفارسية في أعماله الشعرية بشكل عام، وبالخيام وفلسفته بشكل خاص؛ مما دعاه إلى تسمية أحد دواوينه بـ" الموت في الحياة: الوجه الآخر لتأملات الخيام في الوجود والعدم"(43)، وهو الديوان الذي تأثر فيه بفلسفة الخيام، حول الوجود والعدم والحياة والموت، كما تأثرت جماعة الديوان، ومحمد مهدي الجواهري، وجميل صدقي الزهاوي، وشاعر المهجر: ايليا أبو ماضي، خاصة في قصيدته المشهورة "الطلاسم"، وكثير من الأدباء والشعراء الآخرين بالخيام وفلسفته، ومن ثمّ أضحى الخيام ورباعياته يشكل ظاهرة في الأدب العربي، تعرف بـ" الظاهرة الخيامية" كما سمّاها الدكتور محمد السعيد جمال الدين في أحد كتبه.(44)
      إنّ ما يجدر ذكره هنا أن رباعيات الخيام قد تُرجمت إلى أغلب لغات العالم، ولعلنا لا نعثر على أي لغة، إلا وقد ترجمت إليها مختارات من هذه الرباعيات؛ في حين وصلت ترجماتها العربية إلى ما يزيد على ثمانين ترجمة، كانت ترجمة شاعر الأردن الكبير مصطفى وهبي التل المشهور بـ "عرار" باكورتها، وأول ترجمة عربية لها عن لغتها الأم(45)؛ فقد عمل على ترجمة رباعيات الخيام عام 1922م عن اللغة الفارسية مباشرة، إذ صدر في هذه السنة كتاب"رباعيات عمر خيام" لرضا توفيق وحسين دانش في اسطنبول(46)، ووصل إلى "عرار" فشرع بترجمته حتى ترجم 155 رباعياً وتركها جانباً، وفي عام 1925 نشرت مجلة "منيرفا" اللبنانية ترجمة لشاعر الشباب أمين نخلة، وقدّمت لها بمقدمة لم ترق لعرار؛ مما دعا شاعر الأردن الكبير إلى العودة إلى ترجمته مرة أخرى لاستخراج أصول ترجمة أمين نخلة، وترجمة رباعيات جديدة، إذ أقدم على نقد هذه الترجمة، ومحاولة استخراج أصولها الفارسية من ترجمته التي تمت عام 1922، كما عمل على  ترجمة رباعيات جديدة، فوصل العدد إلى 169 رباعياً، نشر منها 55 رباعياً، مقرونة بمقالتين نقديتين في رده على أمين نخلة في هذه المجلة عام 1925م(47)، وإذا كان لنا أن نذكر مثالاً على ترجمة عرار النثرية فإننا نشير إلى الرباعي الأول:
       اسرار ازل را نه تو دانى ونه من 
     وين حرف معا نه تو خوانى نه من   
      هست از پس پرده گفتگوی من وتو   
       چون پرده بر افتد نه تو مانی نه من
وقد ترجمه هكذا:
للأزل أسرار لا أنا أعلمها ولا أنت
وهذه الأحجية لا أنا أفهمها ولا أنت
ما قالنا وقيلنا خلف الحجاب إلا حدس
ينتهي متى أُزجيت الستائر حين لا أبقى أنا ولا أنت. (48)
      لا بدّ من التذكير بأن بعض النقاد العرب يعتقد بأن ترجمة أحمد رامي هي الترجمة العربية الأولى التي تمت عن اللغة الفارسية(49)، وهذا غير صحيح، فأحمد رامي نفسه يقول في مقدمة ترجمته التي يمكن الرجوع إليها سافرت إلى فرنسا عام 1922 حتى أتعلم الفارسية، وفي السنة التالية توفي أخي، ولم أستطع العودة إلى مصر للمشاركة في العزاء، ومن ثم فقد أثرّت هذه الحادثة في ترجمته، التي نشرها عام 1924م(50) والتي ركزت على الجانب الجمالي، وضحّت بالمعنى والمضمون، وبهذا الاعتراف تكون ترجمة الشاعر الأردني الكبير "عرار" هي الأولى عن اللغة الأم؛ وما يجدر ذكره أن اطلاع "عرار" على رباعيات الخيام كان قد تمّ لأول مرة عام 1912م، وذلك عندما وقعت بين يديه نسخة من ترجمة وديع البستاني التي صدرت في القاهرة من العام المذكور، ومنذ تلك اللحظة عشق "عرار" الخيام وافتتن به ووقع تحت تأثيره، وهذا ما بدأ واضحاً في شخصيته وسلوكه وبداياته الشعرية، كما يروي يعقوب العودات في كتابه"عرار شاعر الأردن"، وهو ما تجلى في اعتراف الشاعر الصريح، عندما كان يصف نفسه بأنه خيامي المشرب.(51)  
      لقد تعددت أوجه وجوانب الظلم التي وقعت على الخيام، ومن هذه الأوجه التي ظلم بها زوراً وبهتاناً وافتراءً تلك الأساطير والخرافات التي نسبت إليه، ومن أشهرها المتعلقة بتوبته؛ فقد نسب مخالفو الخيام إليه هذه الأسطورة، وكأنهم رأوا أن الخيام ارتكب من الخطايا والذنوب ما يستدعي منه التوبة للتكفير عنها في نهاية حياته، ولكن السؤال الذي يبرز هنا ما هو الذنب الذي ارتكبه الخيام؟ وهل هذا الذنب يستدعي التوبة والاستغفار؟! والجواب أن الخيام ليس بحاجة للتوبة؛ إذ إنه فيلسوف متفكر في هذا العالم، ومجرد التفكير والتساؤل عن هذا الكون والوجود لا يعدّ ذنباً يجب الرجوع عنه، والاستغفار منه؛ فكانت هذه الأسطورة الواهية التي نسجتها بعض النفوس السقيمة، والخرافة الساذجة التي لا تقبلها العقول السليمة، إذ روي أن الخيام كان قد جهّز وسائل الشراب وسفرته في ليلة من الليالي، فهبت الريح وكسرت ما هيأه فأنشد الرباعي التالي:
إبريق مى مرا شكست ربى
    بر من در عيش را ببستى ربى
         من مى خورم وتو مى كنى بدمستى   
    خاكم به دهن مگر تو مستى ربى؟
وترجمه صاحب هذه المقالة:
لقد كسرتَ إبريقي يا ربي؛
وأغلقت عليّ باب اللهو والمتعة يا ربي؛
إنني أعاقر الخمرة وأنت تثملني
يا لها من مصيبة.... فهل أنت ثملٌ يا ربي؟

وما إن انتهى الخيام من إنشاد هذا الرباعي حتى أسّود وجهه؛ وعندها أدرك خطورة ما تفوه به، فسارع إلى الاعتذار والتوبه عمّا بدر منه، فما كان منه إلا أن أنشد الرباعي التالي كفارة عن خطيئته:

         ناكرده گناه در جهان كيست بگو    
         وآن كس كه گنه نكرد چون زيست بگو
         من بد كنم وتو بد مكافات دهى   
         پس فرق ميان من وتو چيست بگو(52)
وترجمه صاحب هذه المقالة:
مَنْ الذي لم يذنب في العالم؛ أخبرني
ومن الذي عاش دون أن يرتكب ذنباً؛ أخبرني
أنا أرتكب المعاصي وأنت تعاقبني بشدة
فما هو الفرق بيني وبينك؛ أخبرني؟
      وما أن انتهى الخيام حسب هذه الأسطورة من إنشاده هذا الرباعي حتى ابيضّ وجهه مرة أخرى.... ويا لها من أسطورة طفولية؟؟!!
  في نهاية هذه المقالة لا بدّ من الإشارة إلى أن المستشرق الفرنسي لويس ماسنينون، الذي عرض في كتابه الموسوم بـ" شخصيات قلقة في الإسلام"، والذي ترجمه عبد الرحمن بدوي إلى اللغة العربية لثلاث شخصيات قلقة في تاريخ الإسلام؛ هي سلمان الفارسي والحلاج والسهروردي(53)، إلا أنه قد غفل عن شخصية أخرى ألا وهي عمر الخيام، التي أرقها مصير البشرية، والنهاية المأساوية التي ستؤل إليها، فكان من أهم الشخصيات القلقة في تاريخ البشرية، وكان الأجدر بهذا المستشرق أن يتناول شخصية الخيام بالبحث والدراسة والتحليل في كتابه هذا، ومن الجدير ذكره أيضاً أن منظمة اليونسكو قد خصصت يوم الثامن عشر من أيار من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للخيام، اعترافاً منها بهذا الشاعر الكبير، الذي ملأ الدنيا وشغل الشرق والغرب، ولعل هذا التكريم جاء نوعاً من الانصاف، وردّ الاعتبار للخيام الذي ظلم على مدى القرون ومختلف الأجيال، وقد لاقت هذه اللفتة من قبل هذه المؤسسة صدى طيباً في العديد من الدول؛ إذ يتمّ سنوياً الاحتفال بهذا الشاعر الكبير في مختلف أرجاء المعمورة، وهذا هو التاريخ الدقيق لولادة عمر الخيام؛ طبقاً لما توصل إليه مجموعة من المستشرقين الروس، وهو الأول من ذي الحجة سنة 439 للهجرة الموافق لـ 1048/5/18 للميلاد، كما حددوا وفاته بسنة 526 الموافق لـ 1131 للميلاد. (54)

  النتيجة

  حقاً لقد كان الخيام من الشخصيات التاريخية القلقة التي أرقها مصير البشرية، والنهاية المأساوية التي سيؤل إليها جميع أفرادها ألا وهي الفناء والموت، فراح يتساءل من أين أتينا؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟ وما هو المصير الذي ينتظرونا بعد الموت؟ فما من شخص آب إلينا من العالم الآخر ليخبرنا عن أسراره؟!....هذه الأفكار الفلسفية هي التي شغلت الخيام ليل نهار في حلّه وترحاله، في أحلامه ويقظته؛ فلم ينكفىء على نفسه وعواطفه الشخصية، بل إنه تسامى عن مثل هذه العواطف والمشاعر، وكان مشغولاً بقضية مصيرية تهم أبناء البشر جميعاً، ولهذا فإنه من الجدير بنا أن نطلق عليه شاعر الإنسانية قاطبة، فهو الذي عبرّ عن آلامها ومعاناتها ولواعجها، وكان الناطق باسمها على مرّ التاريخ، وهو الذي طرح أسئلة الكون والوجود، والموت والحياة، في محاولة منه للإجابة على الهواجس التي شغلت أذهان البشرية وأفكارها منذ الأزل، على الرغم من كل الظلم الذي لحق به سواء في حياته أو مماته؛ وإذا كانت الرباعيات هي التي خلّدت اسم الخيام وحفرته في ذاكرة البشرية وأبنائها، وحقّقت له هذه الشهرة العالمية من جهة، فإن الرباعيات المنسوبة، وترجماتها، والفهم الخاطىء لبعضها، وتأويلها، وتفسيرها هي التي جرّت على الخيام ما جرّته عليه، وهي التي كانت سبباً في الظلم الذي لحق به، ومن ثمّ شُوهت صورته في الأذهان ظلماً وعدواناً من جهة أخرى، وحريٌّ بنا اليوم أن نعيد قراءة رباعيات عمر الخيام مرة أخرى، حتى نصحح كثيراً من المفاهيم والأوهام الخاطئة، التي شاعت حول شخصيته ورباعياته، باعتباره فيلسوفاً حراً يطلق لأفكاره العنان، ويمنح نفسه الحرية الكاملة في التفكير دون شروط وقيود، ونميط اللثام عن كل التهم والافتراءات التي أُلصقت به، ونرفع عنه هذا الظلم وسوء الفهم، ومن ثمّ ننصف هذا الفيلسوف الذي ظلم من أبناء جلدته، ومن المستشرقين الغربيين على حد سواء....
                                 

الهوامش والتعليقات
(1)يعترف بعض الأساتذة والأكاديميين الإيرانيين أن شهرة الخيام العالمية كانت قد انطلقت من خارج إيران ثم عادت إليها، انظر كتاب: جام جهان بين، الدکتور محمد على اسلامى ندوشن ، ص 280، ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن الخيام اتقن اللغة العربية، وأبدع فيها، وألف بها بعض كتبه في مجال الرياضيات والفلك، ونظم بها شعراً، ومنها الأشعار العربية التي ذكرها شمس الدين الشهرزوري في كتابه "تاريخ الحكماء: نزهة الأرواح وروضة الأفراح" ص 325 :


            رحبتدهراً طويلاً فيالتماس أخ

     

يرعىوداديإذا ذو خلة خانا

              فكمآلفتوكمآخيتغير أخ

           و قلت‌ للنفس‌ لما عزّ مطلبها     

وكمتبدلتبالإخوانإخوانا

  باللهلا تألفيما عشتإنسانا


(2)   انظر: شاهنامه، أبو قاسم فردوسي، تصحيح دكتور سعيد حميديان، الطبعة الأولى، نشر قطره، طهران، 1384 (بالفارسية). 
(3) انظر شرح جامع مثنوي معنوي، جلال الدين رومي، تصحیح كريم زماني، الطبعة السابعة، نشر اطلاعات، طهران، 1379هـ ق (بالفارسية) وكليات شمس يا ديوان كبير تحقيق بديع الزمان فروزانفر، الطبعة الأولى، نشر جامعة طهران، طهران، 1336 ه. ق ( بالفارسية).
(4)انظر غزليات حافظ شيرازي، تصحيح بهاء الدين خرمشاهي، الطبعة الثالثة، نشر طرح نو، طهران، 1378هـ ق (بالفارسية).
(5) انظر بوستان، سعدي شيرازي، تصحيح غلام حسين يوسفي، الطبعة الرابعة، نشر خوارزمي، طهران، 1372هـ ق (بالفارسية).
(6)   انظر گلستان، تصحيح غلام حسين يوسفي، الطبعة الرابعة، نشر خوارزمي، طهران، 1373هـ ق (بالفارسية).
(7)  انظر با كاروان حله، عبد الحسين زرين كوب، نشر آريا، طهران، 1343 هـ ق ص 110، و انظر كذلك خيام در ادبيات معاصر اردن: با تكيه بر آثار شاعر بزرگ اردن " عرار"، بسام علی ربابعه"، رسالة دكتور اة،  جامعة طهران، 1383هـ ق (بالفارسية) ص 90 وما بعدها.
(8) انظر خيام در ادبيات معاصر اردن: با تكيه بر آثار شاعر بزرگ اردن " عرار"، بسام علی ربابعه " ص 141، وهنا يمكن أن نشير إلى الآثار المدمرة التي تركها المغول على هذه المدينة التاريخية عندما هاجموها في بدايات القرن السابع للهجرة وسووا بها التراب.
(9) انظر عمر الخيام بين الکفر والإيمان، إحسان حقي، الطبعة الأولی، دار النفائس، بيروت، 1981م، وثورة الخيام، عبد الحق فاضل، دار العلم للملايين، الطبعه الثانية، بيروت، 1968م.
(10) انظر رباعيات خيام، با تصحيح، مقدمه و حواشی محمد علی فروغی و قاسم غنی، تصحیح بهاء الدين خرمشاهی، الطبعة الثانية، نشر ناهيد، طهران، 1378م(بالفارسیة).
(11)  المصدر السابق، ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن هنالك مناظرات أخرى وقعت بين الخيام وبعض العلماء الآخرين.
(12)   المصدر نفسه.
(13)  جام جهان بين، محمد علي إسلامي ندوشن،  ص 279.
  (14)انظر كتاب: مرصاد العباد، نجم الدين رازي، الطبعة الأولى، نشر علمي فرهنگی، طهران، 1386 هـ ق (بالفارسية).
(14)انظر المصدر السابق وانظر كذلك ترجمة الرباعي الثاني في رباعيات عمر الخيام، ترجمة مصطفی وهبی التل (عرار)، تحقيق يوسف بکار، الطبعة الثانية، مکتبة الرائد العلمية، عمان، 1999م، ص 73.
(15)انظر كتاب: چهار مقاله، عروضي سمرقندي، تصحيح محمد قزويني، چاپ نهم، انتشارات جامی، طهران، 1391ه(بالفارسية)
(16) انظر كتاب: تحليل شخصيت خيام، محمد تقي جعفري، نشر كيهان، طهران، 1365هـ ق( بالفارسية)
(17)انظر  كتاب: مقالات الهی قمش ای، حسين الهی قمش ای، چاپ نهم، انتشارات روزنه، تهران، 1381ه. (بالفارسية)
(18)انظر كتاب ترانه های خيام، صادق هدایت، الطبعة الرابعة، امير کبير، طهران، 1313هـ.(بالفارسية)
(19)المصدر السابق، ص 14.
(20)انظر كتاب عرب ستيزى در ادبیات معاصر ایران، جویا بلوندل سعد، الطبعة الأولى، نشر كارنگ، طهران 1381 هـ ق ص 45 وما يليها. (بالفارسیة)  
(21)يمكن توضيح آراء النقاد الإيرانيين والمستشرقين حول الخيام بما يلي: الفريق الأول: يرى أن الخيام كان كافراً وملحداً وزنديقاً ومادياً وعبثياً، وعلى هذا الرأي صادق هدايت وادوارد فيتزجرالد، الثاني: يرى أن الخيام كان من أهل التصوف والعرفان، وعلى هذا الرأي محمد تقي جعفري وحسين إلهي قمشي ونيكولاس المستشرق الفرنسي وجوكوفسكي المستشرق الروسي.
(22) انظر كتاب: خيامی يا خيام، محمد محيط طباطبائي، نشر ققنوس، طهران، 1370هـ ق (بالفارسیة).
(23)لمزيد من التفصيل حول الرباعي انظر كتاب: انواع ادبی، دكتر سيروس شميسا، چاپ چهارم، انتشارات فردوسی، طهران، 1375هـ، و سبک شناسی شعر، دکتر سيروس شميسا، چاپ جهارم، انتشارات فردوسی، طهران، 1378هـ. و  وانظر  مقالة "رباعیات خیام" في موسوعة ويكي بيدیا على الرابط التالي:
 (25) رباعيات خيام، با تصحيح، مقدمه وحواشی محمد علی فروغی و قاسم غنی، تصحیح بهاء الدين خرمشاهی، ص 125.
(26) وانظر ترجمة هذا الرباعي في رباعيات عمر الخيام، ترجمة مصطفى وهبي التل، ص77.
 (27) رباعيات عمر الخيام، ترجمة مصطفى وهبي التل، ص 200.
(28) لمزيد عن ادوارد فيتزجرالد انظر الرابط التالي:
(29) انظر ترجمة ادوارد فيتزجرالد الانجليزية لرباعيات الخيام ضمن ملحقات كتاب: رباعيات خيام، با تصحيح، مقدمه وحواشی محمد علی فروغی و قاسم غنی، تصحیح بهاء الدين خرمشاهی.
(30) الترجمة الأدبية، یوسف بکار، إشکاليات و مزالق، الطبعة الأولی، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت،2001م.
    (31) انظر مقالة «در ترجمه ناپذيری شعر»، الدكتور محمد رضا شفيعی کدکنی، فصلنامه هستی، س 3، ش 11، 1381ه.(بالفارسية)
(32) انظر رباعيات حكيم عمر خيام به سي زبان، عمر خيام، چاپ اول، انتشارات پدیده، طهران، 1366ه،(بالفارسية) وکتابشناسی عمر خيام، فاطمه و زهرا انگورانی، چاپ اول، انتشارات انجمن آثار ومفاخر فرهنگی، طهران، 1381هـ،(بالفارسية) وانظر بعض أسماء عشرات الكتب التي احتوت على ترجمات لرباعيات الخيام بلغات مختلفة على الرابط التالي:

(33) انظر رباعيات خيام، با تصحيح، مقدمه و حواشی محمد علی فروغی و قاسم غنی، تصحیح بهاء الدين خرمشاهی، ص40
(34) من الجدير بالذكر أن المستشرق الروسي فلانتين جوكوفسكي قد أوجد نقطة تحول في الدراسات الخيامية عندما أقدم على كتابة مقالته المشهورة والموسومة بـ"عمر الخيام والرباعيات المضطربة"، وصرّح بها بوجود 82 رباعياً تنسب لشعراء مختلفين، ومعنى هذا أنها محل نزاع واختلاف ولا يُسلم بنسبتها للخيام، ومما يجدر ذكره أن هذه الرباعيات تسمى بأسماء متعدد كـ: "الرباعيات السيّارة" و"الرباعيات الجائلة" و"الرباعيات المضطرب" و"الرباعيات المتعددة النسبة"؛ لمزيد من التفصيل انظر الكتب التالية:
1- دمی با خيام، علی دشتی، صص228-225.
2- بررسی انتقادی رباعيات عمر خيام، آرتورکريستن سن، ترجمة فريدن بدره ای، ص45 وما بعدها.
3- نزهه المجالس، خليل شروانی، تصحيح محمد امين رياحی، ص42 وما بعدها.
4- خيام شناخت، محسن فرزانه، ص14 وما بعدها.
5- فرهنگنامه ادب فارسی، به سرپرستی حسن انوشه، صص624-625.
  6-چشمه روشن، غلام حسين يوسفي، چاپ چهارم، طهران، 1371هـ.
(35) انظر مجموعه رباعيات فريد الدين عطار نيشابورى، تحقيق الدكتور محمد ر ضا شفيعي كدكني: ص11.(بالفارسية)
(36) رباعيات خيام، با تصحيح، مقدمه و حواشی محمد علی فروغی و قاسم غنی، ويرايش بهاء الدين خرمشاهی،
      ص 18 وما بعدها.
(37) ترانه های خيام، صادق هدايت، چاپ چهارم، انتشارات امير کبير، طهران، 1313هـ.
(38) انظر مقالة "خيام در ادبيات معاصر عرب"( الخيام في الأدب العربي المعاصر ) بسام ربابعة في مجلة"هستى" الصادرة في طهران، عدد 17، بهار1383 وكذلك انظر مقالة "خاطره خيام"(ذكرى الخيام) دكتور محمد علي اسلامي ندوشن وبسام ربابعة ) مجلة كتاب ماه (مجلة  كتاب الشهر ) ادبيات وفلسفة، صص38- 47، طهران، عدد 80 ، 2005م، وانظر هذه المقالة كذلك على موقع الدكتور بسام ربابعة على الرابط التالي:
(39) انظر مقدمة رباعيات الخيام، ترجمه أحمد رامي، الطبعة الاولی، دار الشروق، القاهره، 2000م.
 (40)     للاطلاع على آراء النقاد العرب حول هذه القضية انظر كتاب الأوهام في كتابات العرب عن الخيام، الدكتور يوسف بكار، صص 25-31، وعلى الرغم من الاختلاف في أول من ترجم رباعيات الخيام إلى اللغة العربية؛ إلا أن أول ترجمة عربية لرباعيات الخيام تعود إلى القرن السابع للهجرة؛ فقد أقدم القاضي نظام الدين الإصفهاني المتوفى سنة 680  على ترجمة رباعي واحد؛ وبذلك يكون القاضي الإصفهاني قد حقق قصب السبق في ترجمة رباعيات الخيام للغة العربية، والعجيب أن العرب قد تباطؤا وأحجموا عن ترجمة الرباعيات لمدة استغرقت سبعة قرون، ففي بدايات القرن العشرين عادوا ليستأنفوا ما بدأه هذا القاضي .
(41) شعراء الفرس: عمر الخيّام، المجلة المصريّة، العدد 7، أيلول 1901 وانظر الترجمات العربية لرباعيات الخيام، الدكتور يوسف بكار، ص 36 والأوهام في كتابات العرب عن الخيام، الدكتور يوسف بكار، ص ص31_32.
(42) عمر الخيّام: ما عرفه العرب عنه، مجلة الهلال، سنة 18، جزء 6 ، آذار 1910م.
(43)  انظر كتاب الموت في الحياة: الوجه الآخر لتأملات الخيام في الوجود والعدم، عبدالوهاب البياتی، ص141، والأعمال الکاملة، عبدالوهاب البياتی، ج2، ص121.
(44) انظر كتاب:الأدب المقارن: دراسات تطبيقية في الأدبين العربي والفارسي، الدكتور محمد السعيد جمال الدين، ص 166، وانظر مقالة: رباعيات الخيام في الأدب العربي، الدكتور يوسف بكار على الرابط التالي:
وللاطلاع على تأثير الخيام في الثقافة العربية والأدب العالمي انظر مقالة:  أثر الخيام في الثقافة العربية والأدب العالمي، الدكتور حسن خامه يار، موقع الفارسية نت على الرابط التالي:  http://alfaresiya.net/?p=570
(45) لمزيد من التفصيل انظر المصادر والمراجع التالية:
1- خيام در ادبيات معاصر اردن: با تكيه بر آثار شاعر بزرگ اردن " عرار"، بسام علی ربابعه " پایان نامه دکتری، جامعة طهران، 1383هـ ق
2- عرار شاعر اردن، بدوی ملثم، يعقوب عودات دار القلم، بيروت، د.ت.
     3-رباعيات عمر الخيام، ترجمه مصطفی وهبی التل (عرار)، تقديم و مراجعة عيسی الناعوری، مکتبة الجامعة الأردنية ، رقم (5511/891 م.خ).
4- رباعيات الخيام بعين مصطفی وهبی التل، أول ترجمة عربية جسور عن الفارسية»، الدكتور يوسف بكار، فصلية ايران و العرب، س 2، ش 4، ربيع 2003.
(46) انظر رباعيات عمر خيام، حسين دانش ورضا توفيق، چاپ اول، اقبال کتابخانه، استانبول، 1922م.
(47) انظر : «الخيام و رباعياته» مصطفى وهبي التل"عرار"،  مجله مينرفا، لبنان، س 3، ش 2، 15 ديار، 1925م، و ش 4، 15 تموز، 1925م، وانظر المقالتين كذلك في كتاب: عرار و الخيام، ترجمه الرباعيات و نصوص أخری، تحقيق و تقديم زياد الزعبي، الطبعة الاولی، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2003.
(48) رباعيات عمر الخيام، ترجمة عرار مصطفى وهبي التل، ص  ، ومن الجدير بالذكر أن ترجمة عرار لهذا الرباعي قد خضعت للتهذيب والتنقيح مرات عديدة؛ حتى وصلتنا أربع ترجمات لهذا الرباعي، انظرها في كتاب: عرار و الخيام؛ ترجمه الرباعيات و نصوص اخری، زياد الزعبی، صص 12 – 13.
(49) انظر کتاب : الأوهام في کتابات العرب عن الخيام، الدكتور يوسف بكار، ص 33.
(50) انظر مقدمة رباعيات الخيام، ترجمه أحمد رامي، الطبعة الأولی، دار الشروق، القاهره، 2000م.
(51) لمزيد من التفصيل انظر:الفصل الثاني المعنون بـ" تأثير الأفكار الخيام على عرار" في خيام در ادبيات معاصر اردن: با تكيه بر آثار شاعر بزرگ اردن " عرار"، بسام علی ربابعه "، جامعة طهران، 1383هـ ق.
 (52) انظر هذه الأسطورة في مقدمة  كتاب: رباعيات خيام، با تصحيح، مقدمه و حواشی محمد علی فروغی
    و قاسم غنی، ويرايش بهاء الدين خرمشاهی.
(53) انظر كتاب: شخصيات قلقة في الإسلام، لويس ماسينيون، ترجمة عبدالرحمن بدوي، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1964م.

(54) رباعيات خيام، با تصحيح، مقدمه و حواشی محمد علی فروغی و قاسم غنی، ويرايش بهاء الدين خرمشاهی، ص 10، ولا بدّ من التذكير هنا بأن هنالك روايات أخرى حول سنة ولادة الخيام ووفاته؛ فقد اختلف في ذلك؛ إذ إن كتب تاريخ الأدب الفارسي لم تتفق على تاريخ معين، حتى جاءت لجنة من المستشرقين الروس وبتوا في هذه القضية. انظر على سبيل المثال كتاب: تاريخ ادبيات در ايران، ذبيح الله صفا، چاپ سوم، طهران، 1339هـ،(بالفارسية)، وكتاب عمر خيام ، عليرضا ذکاوتی  قراگزلو، چاپ دوم، طرح نو، طهران، 1379هـ. (بالفارسية)

ليست هناك تعليقات:

الربابعة يترجم كتابين من الأدب الفارسي المعاصر خبر صدور كتاب أنطولوجيا الرواية الفارسية المعاصرة  وكتاب مراحل  الشعر   الفارسي على موقع جامع...