ملخص مقالة: عمر الخيام الفيلسوف المظلوم
تتناول هذه المقالة شخصية عمر الخيام (439- 526هـ) الذي يُعدّ أشهر
شعراء الفارسية بامتياز، والذي يتمتع بشهرة عالمية لا يدانيه فيها أيُّ شاعر فارسي
آخر؛ إذ إنه شخصية
جدلية يكتنفها كثير من الغموض والإبهام، على الرغم من كل هذه الشهرة التي يحظى بها؛
فقد اختلف فيه حدّ النقيض، إذ عدّه
بعض النقاد فاسقاً زنديقا،ً ومادياً
ملحداً، وعبثياً غارقاً في كأسه حدّ الثمالة، ومنهم من عدّه زاهداً وصوفياً،
وعارفاً وولياً من أولياء الله كابن الفارض، والحقيقة أن هؤلاء وأولئك قد ظلموه
وافتروا عليه، فلم يكن هذا ولا ذاك؛ بل إنه كان فيلسوفاً حراً يطلق لخياله وبنات
أفكاره العنان، يصول ويجول، متسائلاً بحرية مطلقة عن الأفكار الفلسفية العميقة،
التي شغلت وما تزال البشرية جمعاء، وقضايا الكون والوجود، والموت والحياة، والفناء
والخلود، والجنة والنار، والثواب والعقاب، وباحثاً عن أجوبة لأسئلة أرقته وقضت مضجعه.
لا شك إنّ سرّ شهرة الخيام وعظمته مرهونة بالحكمة والفلسفة الكامنة في رباعياته، التي خلّدت اسمه،
والتي عبّر من خلالها عن قلق البشرية من الحياة والخوف من الموت، وعزف فيها بإتقان ودقة على الوتر الحساس الذي شغل بال الإنسانية ووجدانها على مرّ التاريخ، ولا ريب أن عبقرية الخيام تكمن في هذه القضية؛ فهو يعرف الأفكار التي يريد تناولها بحذاقة، ويطرحها بعبقرية فذة، ونبوغ نادر: إنها فلسفة الحياة والموت، والعجيب أن الخيام الذي كان رياضياً مبرّزاً، وفلكياً فذاً، وفيلسوفاً مشهوراً، ونابغة قلّ مثيله، والذي عاش في الدولة السلجوقية ووضع التقويم الجلالي توفي ولم يكن أحد يعرف أنه شاعر؛ في حين اكتشف أول رباعي له بعد موته بمئة سنة، كما عثر على أول مجموعة شعرية تحتوي على قائمة من رباعياته بعد ثلاثة قرون من وفاته، بينما وصلت الرباعيات التي نُسبت إليه إلى الآلاف؛ فقد ظلم مرات عديدة في حياته ومماته، والرباعيات التي نُسبت إليه، وترجماتها، وتفسيرها وتأويلها، وتركيزها على اللهو والمجون، واللذة والشهوة، والفسق والفجور، والجانب المادي.... وهنا تكمن أهمية هذه المقالة في محاولتها التدليل
على مظلوميته، على أمل أن تكون خطوة على الطريق في سبيل تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة،
والأوهام الخاطئة، التي شاعت حول شخصيته ورباعياته، وأن تضيء شمعة تبدد بعضاً من
الظلام الذي لحق بهما، ومحاولة إنصافه، ورفع الظلم الذي لحق به، والذي شوّه صورته
في الأذهان، سواء من أبناء جلدته أو من المستشرقين الغربيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق